منتدى د - حسام الدين خلاصي لقصيدة النثر والقصة القصيرة والقصيرة جداً
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة قصيرة المشوار

اذهب الى الأسفل

قصة قصيرة المشوار Empty قصة قصيرة المشوار

مُساهمة  ?.???? الأربعاء يونيو 09, 2010 9:23 pm

[SIZE="6"][SIZE="6"]المشوار [/SIZE]


عندما حل المساء كنت قد أنهيت ارتداء ثيابي التي سأخرج بها للمشوار اليومي , وبقي لي أن المع َ حذائي ليبدو جديدا ً كما كان لحظةَ اشتريته ُ .
فجأة ً دق على الباب بقوة ٍ فترددت في فتحه لأني لا أنتظر ُ احداً ومع ذلك اقتربت ُ بحذر وفتحته لأجد َ صديقي سعيد حزينا ً متجهم َ الوجه فدخلَ بدون استئذان مني ولا دعوة .
فترة من الصمت سادت بيننا وأنا أحدق إليه وهو جالس على طرف السرير وبسرعة أنهى تنهده
قال : الحياة كلها قرفٌ بقرف
قلت : ما بك سعيد
قال : دعني وشأني يا رجل .... ثم َ إلى أين أنت َ ذاهب ْ
قلت : أنا .... أنا ذاهب للمشوار اليومي
قال : بلا مشوار بلا هوى غربي
قلت : لماذا أنت َ متشاءم هكذا اليوم ؟ ما بك ؟
قال : هل تعرف رولا , حبيبة القلب ؟ هل تعرفها ؟
قلت : نعم حبيبة قلبك َ أعرفها ما بها !!!!
قال : بكل بساطة س أخبرتني أنها تحب غيري !!!
قلت : ألم اقل لك منذ مدة ٍ أن تهتم بها أكثر وإلا ستطير من يدك
قال : لكن أنا لم أقصر معها أبداً ، كنت أسافر كل أسبوع ٍ ثلاثة أيام فقط للضيعة وهي كانت تعاني من الفراغ بسبب غيابي المتكرر، ولكن وكما تعلم يجب أن اكون بجانب والدي لأساعده فأخوتي ما زالوا صغاراً والحال هو هكذا حتى ظهر ذلك الملعون ابن ..... وغرر بها ولعب بعقلها وصارت تهواه أكثر مني .
لا بل قالت اليوم : أنها صارت تحبه وأنها لم تك تحبني أبداً بل كانت معجبة ً بي فقط ، آه يا فريد آه لم اشعر بمثل هذه الخيبة والمرارة يوماً في حياتي قط .
قلت : عن اية خيبة تتحدث يا رجل ، إن ما حصل معك ما هو إلا تحصيل حاصل وما توقعته لك صار ، انساها يا رجل ألف فتاة تتمنى منك كلمة !
قال : ألف !!!! لا والله ولا نصف واحدة ، أنا فقير معدم لا حاضر ولا مستقبل من ستقبل بي ؟ لقد علقت آمالاً كثيرة على علاقتي برولا وقلت لنفسي بأنها الوحيدة التي تفهمني وتحس بي وتقدر وضعي ، لقد تنامت في رأسي أفكار كثيرة لأجلها وهي ساهمت في إنعاش هذه الأفكار طوال سنة ونصف من عمري .... كل ذلك ضاع وتبخر ..... ضاع وتبخر . ما كان ضرها لو تحملت أكثر ؟


وبينما كان سعيد يتابع كلماته كالمحموم ... نظرت للساعة فإذ هي السابعة مساءً ، وهي ساعة الذروة فالكل يتمشى الآن والمشوار في أوجه وحديثي مع سعيد إن استمر على هذا النحو فلن ننتهي حتى الصباح ، وأنا أريد أن أراها واستطيع أن أؤكد أنها ستمر مع زميلاتها من نفس المكان وستشتري كيس البطاطا ذاته وعلبة الكولا ، لذلك لا يجب أن يفوتني الأمر ، وبطرف عيني لاحظت أن سعيداً قد لاحظ عدم انتباهي لحديثه وأن شرودي بات مفضوحاً فعاودت الإنصات له فسمعته
يقول : كلهن هكذا والله لا ينفع الصدق مع إحداهن .
قلت : لا يا سعيد أنا لا أوافقك أبداً على كلامك لا يحق لك التعميم ليست كل أصابع يدك متساوية في الطول
قال : كم أنت مثالي يا غشيم ... ربما لأنك لم تحب بعد ، لذلك لن تشعر بصدمتي
قلت : هيا هيا ..... ننزل للمشوار فأنا جاهز للخروج ، لنغير هذا الجو المتشائم والذي وضعتنا فيه منذ لحظة دخولك علي الغرفة !!
قال : انزل لوحدك سئمت من المشاوير أريد أن أدفن راسي و يا ليتني لا أصحو إلا بعد سنة .
ارتحت كثيرا لجملته الأخيرة فنزوله معي كان سيلبد الأجواء لي هذا المساء وأنا أحتاج هذا اليوم بالذات لكل عناصر القوة ، لأني استجمعت شجاعتي وسأبادر للتعرف على ليلى ومن ثم البدء بأي حديث لكسب ودها فأنا منذ مدة طويلة معجب بها ألاحظها وأراقبها عن بعد .
نزلت الدرج مسرعاً غير آبه لمن ألقى التحية علي ومن لم يلقها وغادرت مبنى الوحدة السكنية الثامنة متجهاً لبداية خط المشوار .
وهأنا وسط الزحام الكل في ذهاب وعودة كالعادة ، الروائح العطرة كانت تنبعث ُ من كل الجهات حولي ، وبدأت خطواتي تتباطأ لتعطيني مظهراً رصينا ً هادئاً يدل على قوة شخصيتي المطلوبة مني هذا اليوم ، كنت لا أحرك راسي لا يمنة ولا يسرة فقط كانت عيوني تتحرك وتجول في المكان كطفل يبحث عن حقيبته التي أضاعها للتو .
اقتربت ُ من الدكان الصغيرة وأخرجت ُ خمس ليرات ٍ لشراء أي شيء حجة ً للوقوف بقرب ِ الدكان انتظاراً لها ، دفعت خمس ليراتي وبادلتها بقطعة حلوى دسستها في جيبي بسرعة البرق.
وما إن رفعت رأسي حتى رأيتها تلوح في أفق المشوار من بعيد وسبقتني نظرتي إليها وتسمرت في مكاني ...منتشيا ً وخفقات قلبي تسارعت مع اقترابها مني ومرورها أمامي ، هي لم تشاهدني لكني ابتسمت لها ابتسمت للناس أجمع .
اليوم يومي وستعرف ُ أني معجب ٌ بها ، بل أحبها وأني منذ زمن بعيد احاول الوصول لقلبها ....
اليوم ستعرف حجم معاناتي وولهي وتعلقي بها وستعرف ُ أني رسبت في آخر مقررين للسنة الثالثة نتيجة انشغالي بها دائما ً ، هذا لا يهم فما أثارته في نفسي من مشاعر حب ٌ دفينة ٍ غير كل شيء في حياتي في ملابسي ، طعامي ، نومي ، حديثي وحتى أني لم أعد أسافر للقرية منذ فترة ٍ طويلة رغم إلحاح أسرتي الشديد لأني لا أريد أن يحدث لي ما حدث َ لسعيد اليوم ، أريدها أن لا تغيب عن ناظري .... أنا فعلاً أحبها .
وفجأة لمحتها وهي ترجع من آخر المشوار وهي تقترب من الدكان ومن مكان وقوفي ....كان قلبي يخفق بشدة يخفق ويخفق فابتعدت خطوتين تاركاً المجال لها لتطلب ما تشاء من الدكان ( حتى لو طلبت عمري لأعطيتها ) ، فاشترت ما طلبت ومضت أمامي كغزالة تختال ألقاً ، وشعرت بأنها لمحت نظراتي المشتاقة لها وأحست بنظرتي الواثقة الطامحة للتحدث معها إضافة لابتسامتي الهادئة الرصينة ويقيني أنها بادلتني نفس النظرة والابتسامة .
لكن المشكلة كانت في رفيقتها البدينة تلك كانت معها ، فكيف لي أحدثها وأغامر فلربما تحرجت منها .... لكن لا يهم اليوم سأحدثها ولو كانت العشيرة كلها معها !!
تبعتها وغابت عن عيني للحظات ، فأسرعت بخطواتي لألحق بها خشية أن تضيع مني وتفوت علي الفرصة ، لمحتها من جديد فهدئت روحي لكني لاحظت أنها متجهة لخارج مبنى المدينة الجامعية هي وتلك البدينة فتابعت مطاردتي لها على هدي رائحة عطرها الذي أميزه من عطور الأرض كلها .
ولجت ليلى وزميلتها البدينة إلى شارع المقابل ودخلتا مقهى الانترنيت فركضت مسرعا وقلت لنفسي هذه فرصتي التي انتظرتها فالمكان في المقهى هادئ ومناسب لفتح الموضوع معها ، ولما وصلت وجدتها جالسة أمام إحدى الطاولات ومقابل أحد أجهزة الكمبيوتر وهمت بالعزف عليه ، ولما هممت بالدخول أصابتني الحسرة فلقد تذكرت للتو أني لا اعرف شيئا ً عن الكمبيوتر كي اختلق سببا ً لدخولي كما أني لا املك في جيبي إلا ثلاثون ليرة فقط !!! فتراجعت كنمر عجوز خائب عن طريدة شابة .
قررت أن أنتظرها خارجاً فمر الوقت ثقيلاً ثقيلا ..... ساعة مرت وأنا انتظر خارجا ً أعد بلاطات الرصيف ، وفجأة خرجت ليلى ومن جديد صوت ضحكتها ملأ الشارع بلا استئذان وكأنه تغريد بلبل ومنيت نفسي أن انتظاري لم يطل فصممت وتقدمت بخطوات جريئة نحوها .....
هأنا سأحدثها الظرف مناسب والشارع خال فارغ إلا من حبي وصديقتها البدينة التي لم أعد أحسب لها حسابا ً ، بقي نصف متر فقط للبوح بما في القلب ، وغذ بها تدخل كابينة الهاتف وتلتقط السماعة فاقتربتُ أكثر من غرفة الهاتف تلك فسمعتها تسأل رفيقتها عن قطع معدنية صغيرة لاستعمالها في إجراء مكالمتها والتي قالت أنها لم تعد تملك قطعاً نقدية صغيرة .
فالتفتت إلي وبصوت ملائكي قالت :
يا زميل معك قطع نقدية صغيرة من اجل الهاتف
قلت لها : ( وأنا الذي لا املك إلا الثلاثين ليرة فقط في جيبي ) نعم تفضلي خذيها كلها .... وعرفت أنها حجتها لتفتح لي المجال بالحديث معها بعد أن لاحظت تتبعي لها .
فالتصقت بزجاج كابينة الهاتف وبدأ صوتها الملائكي ينساب عبر الهواء وكأنه جدول الماء لعطش ٍ في صحراء .
قالت : آلو آلو ... ماما كيف حالك يا أمي ، أنا في أحسن حال ومشتاقة لكم كثيرا ً ، نعم سآتي يوم الخميس من كل بد ....
لا أستطيع الأربعاء ... لأنه موعد درس عملي ولا استطيع التغيب عن دروسي أبدأ ً

فرحت ُ أنا كثيراً بهذا الخبر لأني كنت ُ حتما ً سأقترح عليها بأن لا تسافر هذا الأسبوع كي نقضيه سوية في تعميق الصلة والتعارف بيننا .
قاطع تفكيري صوتها الرقيق من جديد
قالت : لكن يا أمي أنا لا استطيع يوم الأربعاء ... لكن لماذا أنت مصرة يا أمي على يوم الأربعاء وقبل كل ذلك أخبريني هل اتصل احمد ألم يقل متى سيأتي ؟؟؟
تابعت ليلى بصوت الفرح بالحب قالت :
ماذا ؟؟؟ الأربعاء ؟ لا تمزحي يا أمي هو قال لك أنه سيصل الأربعاء ..... إذا توقعيني منذ الثلاثاء مساء ً لأكون بانتظاره صباح الأربعاء .
والتفتت ليلى إلى رفيقتها تلك البدينة وقالت لها :
تصوري يا منى خطيبي أحمد سيصل من السفر يوم الأربعاء في إجازة صغيرة .... آه كم اشتقت إليه
وعادت لتقول لأمها : أمي انتهى وقت المحادثة سأكون بكل تأكيد الثلاثاء مساء ً وداعا ً يا أمي
رمت سماعة الهاتف بجنون يشبه وضع السكين في قلبي وأمسكت بيد رفيقتها وركضت وعدت مثل غزال نال للتو حريته من فهد أراد الانقضاض عليه واختفت في زحمة المشوار وما عادت عيناي تراها ....
وأنا .... آه يا أنا أمسكت سماعة الهاتف لأعيدها لمكانها بعد أن رمتها وسط فرحتها وفاحت من السماعة رائحة عطر حزين لن أنساها ما حييت .
وبخطوات بطيئة متثاقلة ضعت أنا في زحمة المشوار .................................
[/SIZE]

?.????
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى